مقالات

معالم التاريخ الحضاري والسياسي فى مصر القديمة

سليم حسن

 

تلاعب الكهان بالسلطة و الشعب فى مصر القديمة 

ظلت مصر القديمة تحت جناح الحكم الملكى لفترات طويلة من التاريخ المصرى القديم وذلك  رغم قيام النظام الجمهورى فى نفس الوقت فى مناطق أخرى من حوض البحر المتوسط ويرجع السبب فى ذلك إلى :

المؤسسات الفرعونية لم تكن إدارة ملكية دنيوية كالتى نعرفها فى كل أنحاء العالم بل كان الملك إله فى حد ذاته فقد كان إبن الإله رع ، وكان أيضا إلهاً فى العالم الاخر ” إله الموتى أوزير” ولذلك أتخذ الحاكم لقب pr-c3 والتى تعنى ” البيت الكبير أى ” الملك هو العالم “.

كل هذه الأفكار رسخها الكهان فى أذهان المصريين على مدى أعوام طويلة ومن هنا اتضحت السلطة الخفية المساندة للعرش وهى ” الكهان “، حيث قام الكهان بدورهم فى الدولة المصرية بتعزيز حكم الملك وتأكيد الشرعية حتى ولو لم يملك الملك هذه الشرعية يكفى أن يكون له قاعدة من الكهان تدعمة وتعمل على نشر تأكيد نسبه الإلهى .

ويدعمون له ذلك بالطقوس التي تقام في المعابد وقصص الولادة الإلهية لتثبيت حكمه وضمان ولاء الشعب له وفى المقابل كان للكهان سلطة واسعة .

وفى هذا المقال يتم إلقاء الضوء على إحدى فترات التاريخ المصرى التى كان فيها النسب الإلهى هو الوسيلة الرئيسية لتولي الحكم .

لقد كان النسب الإلهى رمزياً فى أوائل الأسرات ، فإن بعض من لم يكن من حقهم تولى العرش فى مصر قد خرجوا على الشعب بنبوءة من الكهنة لتقنع المصرى المصرى بأصلهم المقدس وذلك بغرض الوصول للعرش وتثبيت حكمه ومن ذلك نذكر :

…. الأسطورة التى عثر عليها مكتوبة على بردية وستكار .

ونرى تلك السلطة الكهنوتية بوضوح فى كهنوت رع الذى زادت سلطته السياسية فى أواخر الأسرة الرابعة والأسرة الخامسة الذين نسجوا للشعب قصص إلهية الملك وأنه يجب أن يكون أبن للإله رع ونعرف ذلك من القصة التى وصلتنا على بردية “وستكار” والتى كان الهدف منها إخفاء الشرعية وجعل الحكم فى نسب الإله رع للاستيلاء على العرش بإعتبارهم أصحاب الحق فى الإختيار الإلهي .

…. على نحو آخر اعتبرت نساء الأسرة الثامنة عشر أنفسهم أزواج آمون وكهنته وذلك منذ عصر (إياح حتب) زوجة الملك “سقنن رع”و اعتبار الملوك أبناءها حكام شرعيين من ورثة أمون إله طيبة. كانت وظيفة الكاهن لأمون لها خطورتها فى هذا الوقت خاصة فيما يتعلق بالسيطرة على أوقاف معبد أمون وضياعه وكنوزه.

المصدر . معالم التاريخ الحضاري والسياسي فى مصر القديمة

وهذا ما يفسر لنا ما حدث مع تحتمس الثالث رغم أنه كان صبى صغير إلا أن النبوءة التى وضعها الكهنة صورت للشعب أنه مرشح من قبل الإله أمون لتولى العرش لذلك كان إلزامياً أن يجلس ومعه حتشبسوت ك وصية على العرش ” لوحة المهندس إنينى” .

وما قامت به حتشبسوت من دعم دورها بواسطة كهنة أمون لدعم شرعيتها للحكم وأنها اعتمدت تبرير اعتلائه للعرش على جهود كهنة آمون الذين أوحو إليها بتصوير قصة الولادة الإلهية التى نراها على جدران معبد الدير البحرى بالأقصر والتى تشير إلى ان الإله آمون يعلن أمره إلى الآلهة بإنحب حتشبسوت .

أستمرت الخلافات على العرش وبجانبها قوة كهنة آمون فى تولية ملك وإزالة آخر فبعد حتشبسوت خرج الكهنة بقصة الاختيار الإلهي للملك ” تحتمس الثالث ” والتى دعمت تولية للعرش ، وبعده أمنحتب الثالث عندما تولى العرش تحيز إلى كهنه أمون أيضاً خاصة بعدما شعر بإستغلال نسبة إلى أم أجنبية ” موت أم ويا” فأستجيب للكهنة على الفور وشيد معبداً ضخماً آمون فى طيبة فرد الكهنة على هذا الجميل وأعلنوا للشعب مولده الإلهى والتى سجلها على جدران معبد الأقصر ليتغلب بذلك على جريان دماء غير مصرية فى عروقه من أمه .

… ودفع الكهنة إلى إخراج هذه القصة كراهيتهم ل ” أمنحتب الرابع ” الذي كان قد انحاز إلى العقيدة الآتونية وهي عبادة الإله أتون كإله واحد ولقد ترتب على ذلك إنكار كهنة الإله أمون إلى عهده .

نستنتج من ذلك مدى خطورة و أهمية دور المؤسسات الدينية فى الحياة السياسية بواسطتها يظهر الحاكم على أنه بطل وآخر على أنه مغتصب، شهدنا ذلك فى العصر القديم وأيضاً شاهدناه فى العصر الحديث فتحدث أن يتكلم الرجل السياسي باسم الدين يجعل منه بطل شعبى يحبه العامة ويثقون به ويسيرون وراءه بدون أى تبرير لأى فعل يفعله لأنه يرجع أى قرار يأخذه إلى مسمى الدين وعلى الشعب بالتالى طاعة ولى الأمر الزمن يتغير ولكن علاقة الدين بالسياسة لا تتغير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا