مقالات

تأثير الشبكات الاجتماعية على الصحة النفسية للأفراد

 

 

بقلم: د. باسم موسى

 

مرحبا بك عزيزي القارئ في رحلة إلى جزر يهواها كثير في أيامنا هذه، رحلة عبر الشبكات الاجتماعية، تلك التي رغم أنها سلبتنا من أنفسنا وسلبت منا وقتنا وعقولنا وصحتنا النفسية، إلا أنها تستهوينا ونحن لها كارهين, إدمان نكرهه ولا نطيق فراقه, ولعل استخدام كلمة جزر هنا مفيد لمعنى الانعزال الذي تفرضه شبكات التواصل الاجتماعي علينا نحن الرواد.

 

مدخل

مفهوم الصحة النفسية كما عرفه موقع منظمة الصحة العالمية (بتصرف): 

هي حالة من الرفاه النفسي تمكّن الشخص من مواجهة ضغوط الحياة، واستغلال إمكاناته، والتعلّم والعمل بشكل جيد، والمساهمة في مجتمعه المحلي واتخاذ القرارات وإقامة العلاقات.

 

إذن فإن بناء العلاقات من أدلة الصحة النفسية التي تؤشر على سويتها أو انحرافها، ومعلوم أن الشبكات الاجتماعية مبناها على التواصل لتكوين أو تعزيز العلاقات مع معروفين أو مجهولين بالنسبة لنا، وعليه فإن هذه الشبكات تؤثر في صحتنا النفسية عن طريق النحت والتشكيل و الترميم والتدعيم.

 

إن مصطلح الشبكات الاجتماعية، هو مصطلح على مسمى، الشبكة توحي بأنها توصل الفر بفرد، ثم بمن يتواصلون مع هذا الفرد وهكذا لتكوين شبكة من المعارف، وهي توحي أيضا بأنها أيضا شبكة من يقع فيها لا يستطيع منها فكاكا، كحال الصيد في شبكة صياده, وهذا ما نعانيه مع إدمانها, أو إذا وقعنا في مشكلة بسببها.

 

تشريح العلاقات على الشبكات الاجتماعية

ولو أجرينا عزيزي القارئ تشريحا سريعا للعلاقات في هذه الشبكات لوجدناها تتكون من علاقات عابرة وعلاقات سطحية وعلاقات شبه متعمقة وعلاقات متعمقة. فهناك أشخاص نتواصل معهم لسويعات أو أيام قليلة لسبب مؤقت ثم تنتهي العلاقة، وهناك من طلبوا أو طلبنا إضافتهم لدوائر تواصلنا ونقرأ لهم منشورات كل عدة أيام، وهناك من يتكرر تفاعلنا معهم عدة مرات باليوم وقد يتطور إلى تواصل شخصي، وهناك من يمتد التواصل لبعض تفاصيل الحياة والتعارف الأكثر تفصيلية. وكما تعرف فإن مصطلح علاقات متعمقة يختلف عن علاقات عميقة, الأخيرة مبنية على معرفة يقينية بتفاصيل أمور الأشخاص الحقيقية. 

 

بداية الاضطراب النفسي في الشبكات الاجتماعية

إن قراءة المنشورات السلبية المتكررة من هذا الشخص أو ذاك ترسخ في نفوسنا تدريجيا وبدون إدراكنا؛ مشاعر سلبية نحو شخص أو فئة أو مؤسسة ما أو حتى نحو أنفسنا أو الحياة ككل، وكذلك يحدث الضد بالضد. إنها جرعات فكرية تتدفق في عروق العقل مغيرة من القناعات بتدريج تتغير معه مستويات الطاقة الإيجابية والسلبية ومن ثم الأفكار فالمشاعر. 

 

وكذلك عزيزي ما يحدث من التواصل الشخصي بين الجنسين والذي رأى جميعنا كثيرا من نماذجه، هو نوع من الحقن النفسي الذي في غالب الأحيان – إن لم يكن جميعها- هدام للصحة النفسية، ودعني أركز قليلا على هذا النوع من مستويات التواصل الاجتماعي لشيوع ولاعتبار الكثيرين له كواحد من أهم أسباب التعلق والتشبث ومعاقرة الشبكات الاجتماعية.

 

الحب الإلكتروني

وفي هذا الخصوص فلنتذكر أو نتخيل ذلك الفتى وتلك الفتاة الذين تواصلا ومر بمراحل التواصل التدرجي حتى بلغا درجة التعود، ثم التعلق، ثم الإدمان, ثم .. نعم هو ما تتوقعه عزيزي, إنه بلوغ درجة اعتقاد الحب – ولاحظ كلمة اعتقاد- إن هذين المتواصلين الذين هما من مدينتين أو بلدين مختلفين محكوم على تواصلهما بالإعدام في غالب الأحوال وبالتالي تخيل أنت حالتها النفسية أثناء التواصل عبر مخاطر التفرق، ثم تخيل لحظة تطبيق الحكم التي سيكون فيها آخر لقاء (إلكتروني) وتخيل الذكريات الحزينة المحفوظة في رف أمنيات الاكتمال واليوتوبيا والتي بدورها ستخزن طوال العمر في أرشيف سنوات العقل تحت أكوام من تراب الأحداث، يستعيرها عند كل خلاف زوجي فتشتعل حدة الألم النفسي, أو عند وئام زوجي فتشعل مشاعر الإثم والعار والتفاهة لما تم اقترافه في الماضي. 

 

أما هذين غير الموفقين في حياتهما الزوجية، فهما يبحثان في أدغال الشبكات الاجتماعية عن دفء عاطفي يعوض ذلك الخسران الواقعي، فيمر كل منهما بالمراحل التقليدية وصولا إلى مرحلة شبه التعمق فيشكو لها أو تشكو له ثم يحدث التعلق ثم الفشل الزوجي ثم فشل تلك العلاقة الإلكترونية الوهمية، وما يتبعها من صدمات يعلمها من مر بها أو من عاصر من مر بها. ولاحظ أننا في الحالتين لم نتطرق للمشكلة الأصعب, مشكلة أن يكون هناك تقارب مكاني ويتحول اللقاء عبر الأثير إلى لقاء حقيقي لا يعرف منتهاه وتوابع منتهاه, وبالطبع في الحالة الثانية قد تكون هناك كارثة, نتيجة زواج أحد طرفي العلاقة. ولاحظ أننا أيضا لم نتطرق لكازانوفا التسالي المخادع, من الجنسين.

 

الثأر الرقمي

هل تعلم عزيزي القارئ أن عداوات قد نشأت من جراء الشبكات الاجتماعية! فها هو عرض الآراء بصراحة فجة قد جرح البعض فأحس بالنقص والدونية نتيجة تكرار أو تنمر أو رد آخر بعنف ثم بدأ التراشق حتى بدت العداوة أو القطيعة، وتشمل تلك القطيعة آلام نفسية إن كانت بين أشخاص يعرفون بعضهم في الواقع، أو حتى لو كانوا لا يعرفون بعضهم لكنهم كانوا في مجموعات فئوية مهنية أو مهارية أو ما شابه. 

تأثير الشبكات الاجتماعية على الصحة النفسية للأفراد
تأثير الشبكات الاجتماعية على الصحة النفسية للأفراد

كما أن البعض يضطر للخروج من طور الوقار والأدب لكي يثأر ممن سب أو قذف أو تعدى أو افترى إلخ وكون هذا الشخص سويا بالفطرة ومهذبا, فإن تغييره عنوة لسلوكه يكون مرتبطا بحزن واضطراب في نفسية هذا الشخص من جراء ملاقاة المثل على فترات وهو يتجول يوميا بالشبكات الاجتماعية.

 

منصات الخراب

لقد عاصرنا جميعا وما زلنا، تلك المجموعات والصفحات والقنوات التي تحرض المرأة على عصيان الرجل والتنصل من واجباتها، وتلك الأخرى التي تدعو الرجل إلى تأديب المرأة واستعادة حقوقه التي سلبتها منه المرأة وتلك التي استغلت الصراع وركزت على خطف عقول الأبناء وهم في بيوتهم وغسل امخاخهم وإفساد أحوالهم وانعزالهم وتوحدهم. لقد حولت بعض صفحات الشبكات الاجتماعية حياتنا إلى حطام نفسي واجتماعي جراء حرب شعواء بين ألفين خلقهما الله ليتجانس ولكي يتمازج لتشكيل حياة دافئة سعيدة آمنة. فما رأيك عزيزي بالصحة النفسية حينئذ في ظل فقدان الأليف وانعزال فلذات الأكباد ؟!.

 

كوني قوية وخليكي مفترية

 هذا الشعار المضحك سطحيا المبكي نفسيا الذي يدعو المرأة للانحراف عن الوداعة والرقة والحنان لكي تقاتل الرجل بقسوة وشراسة، أليس في تحريف طبيعةٍ جبل الله عليها مخلوقا فساده؟! أليس بالنسبة لهذا الإنسان الوديع ذي العواطف يمتد الفساد إلى صحته النفسية؟! ما خرج شيء عن طبيعته إلا فسد وسبب الإفساد لمن حوله.

 

ثورة الرجال

على من يثورون؟! على من خلقنا من أضلاعها؟! على أجزاء من أرواحهم؟! ما هي الملابسات التي ولدت مشاعر النقمة والثورة على النساء، وما هي المشاعر أثناءها؟! بالطبع ليست إيجابية أو مبهجة. ولكنها نار حارقة أشعلتها الشبكات الاجتماعية وامتدت إلى صحتنا النفسية و تعدتها إلى أولادنا الذين يعاصرون صراعاتنا ويتعلمون منا دون وعي استعدادا للتطبيق حين تسنح الفرصة.

 

شبكات التقاطع الاجتماعي

وحتى في حالات السوية الزوجية, فإن العكوف على سفاسف الصفحات والمنشورات أدى إلى ما أسميه الإنعزال التجمعي, فالأسرة قد تتجمع في غرفة (أحيانا) ولكن العقول والمشاعر في عوالم وأحوال مختلفة تابعة لنظراتهم على كلمات ووسائط منشورات شبكات التواصل, وقد أدى ذلك لشعور الكثيرين بأنهم لم يعودوا محبوبين أو مطلوبين أو مهمين مما أدى إلى أمراض نفسية, أو طلاق تبعه أمراض نفسية. 

 

التدليل في عصر السوشيال (الإلكترو دلع)

لقد شاهدت هذا الأب الذي يداعب أولاده وزوجته برسائل على تلك الشبكة الاجتماعية المشهورة, رغم أنهم جالسين بجواره في نفس الغرفة, وقد بادروا هم بالرد عليه أيضا بنفس الطريقة, حتى إن الضحكات أصبحوا يكتمونها ويكتفون بأيقونة لوجه ضاحك, كما أصبح التعبير عن الحب بصورة قط وقطة متعانقين, مع قلة التعبير عنه في الواقع وهكذا, فهل ترى في ذلك علاقة بالسوية النفسية يا عزيزي القارئ؟

 

الرحم بوك

لقد تحورت صلة الرحم أيضا ولم تعد في صورة زيارات للاطمئنان على الحالة المريضة أو العم العائد من السفر, لقد أصبحت حروف ترص في مربع ثم ترسل بزر لكي ينعم بها المتلقي ثم يتباهى أن ابن اخته أو أخيه يسأل عنه باستمرار ولكنه يتمنى رؤيته قبل أن يرحل عن العالم, إنها الشبكات الاجتماعية التي جعلت بر الوالدين أعلى درجة من باقي الأقارب, فالبار بوالديه لا يبخل بإنفاق بضع ميجات يوميا في مكالمة مرئية مع والديه, ولا يزورهما إلا كل شهر أو أقل قليلا, فما إحساس هذين الوالدين في ظل الحرمان من فلذات الأكباد والشعود بأنهما ليسا أهم شيء في حياتهم.

 

السوشيو حرامي

إنني وغيري وربما أنت نفسك كنا ضحايا من ضحايا التسويق الإلكتروني على شبكات التواصل، دفعنا ثم استلمنا – وربما لم نستلم- منتجات كنا أو لم نكن نريد أن نشتريها و للأسف يختفي البائع في ظروف غامضة فور إخراج يده من جيبك فرحة بنتش ورقاتك المالية المببلة بعرقك وكدك، إنه نوع من الإكراه الناعم على الشراء أو النصب أو النشل إلكتروني المتمرس على صفحات الشبكات الاجتماعية. 

 

مآسي أخرى

إن مثالب الشبكات الاجتماعية كثيرة، ونحن نعلم جيدا أن هناك شباب انتحروا بسببها، ومنهم من قتلوا بسببها، ومنهم من رسبوا بسببها، ومنهم من وقعوا في الفاحشة بسببها ومنهم … ومنهم.. إلخ. وقد رأيت شخصيا أفرادا عانوا من بعض هذه المآسي, التي لا تعود الأمور بعدها كما قبلها مطلقا.

 

انفراط العقد

إننا جميعا نشترك في سلبية من سلبياتها ألا وهي سرقة الوقت، واحسب كم تعكف عليها كل يوم، صدقني ستصدم وتحزن. ألم يكن هناك استغلال أفضل لذلك الوقت؟! نعم كان هناك وكان معه فص للترقي في كل مجال نافع ولكن للأسف الزمن لا يعود، وقد ضاع منك ومني وقتنا للأبد، لقد انفرط العقد وراحت حياته للأبد, فهيا نعزم على التخلص ولو قليلا من الشبكات السالبة لعمرنا.

 

من الجاني!

إن شبكات التواصل الاجتماعي تبيح التستر وراء قناع الاسم المجهول, فتمكن من يريد أن يسب ومن يريد أن يتحرش ومن يريد أن يتنمر ومن يريد أن يحض على الجريمة وغيرهم, كما أنها تبيح التفاخر بالمال والولد والأملاك دافعة الآخرين لي مقارنة أنفسهم وصناعة هموم ليغرقوا فيها, هل ترى كل ذلك مؤثر على الصحة النفسية؟! ما نوع التأثير ونواتجه ؟!

 

هل ترى قارئي العزيز أن تراكم كل هذه الآهات الناتجة عن شبكات التواصل الاجتماعي سوف تصلح من حالة نفسية أفسدتها ظروف الحياة, أم أنها تسرع من عملية الهدم النفسي وتنذر بتزاحم ساكني المصحات النفسية, وزيادة أرباح تجار أدوية الاكتئاب والقلق والعصاب؟ وهل نستطيع الإمساك بذلك الجاني المتستر لكي نحاسبه بالعرف أو القانون حتى نخفف من تأثير الضرر النفسي الناتج أم سنظل في ساقية قبول ذلك مضطرين؟!

 

الخوف من الزواج

هل لاحظت انعدام ثقة الكثير من الشباب في الفتيات والعكس بسبب تزاحم قوائم التواصل لديهم وتطبيقات المحادثات بالجنس الآخر؟ هل ترى في ذلك أحد أسباب العزوف عن الزواج؟ وهل ترى في العزوف عن الزواج طريق للصحة ام المرض النفسي؟ إنها أسئلة يتفق على سلبية إجاباتها الغالبية مما يدل على خطورة مساوئ الشبكات الاجتماعية.

 

الشبكات الاجتماعية والقدوة الهدامة

إن سهولة التواصل مع المشهورين ممن يخالفون أعراف وتقاليد المجتمع -عمدا أو جهلا- لهو من مصائب الشبكات الاجتماعية, ودورها في تقديم القدوة المفسدة على طبق من وحل, فتزين الأزياء العارية وتجعلها مألوفة للأعين, وتبين أناقة زجاجات الخمور في السهرات التي تعج بالراقين (ظاهريا) محرضة على التجربة, كما تتيح مناقشة الأعمال الفنية الداعية إلى الخراب من قتل وتنمر وتسلط وخيانات زوجية وعصيان زوجي وتلذذ بزيادة أعداد الضحايا إلخ, مع تسمية هذه الجرائم بمسميات تدعو سامعها لفتح القلوب طواعية وتسكينها. فهل قلب الموازين والأعراف والتقاليد يدعم الصحة النفسية أم يدعم تهاويها وانهيارها؟!

 

هل تصح المزاعم؟

يزعم البعض أن بعض الصفحات تحسن الحالة المزاجية مدللا بصفحات النكت والكوميديا ثم يتبع ذلك ببضع ساعات يضيعها عبر منشورات هذه الصفحة بحثا عن ضحكة عميقة تهز كيانه ويندهش لصوتها الجيران، ولكن هيهات, هو للأسف لا يجد فيمثل السرور أمام نفسه الجائعة للفرحة متخفيا بابتسامة كاذبة لا تغطي إحباطا مكشوفا ، فيتعرى بداخله الإحباط ويطفو ويهزم السرور المزيف.

 

إن مساوئ وأضرار الشبكات الاجتماعية شعب وتفريعات لا يسع مقال لتفنيد تفاصيلها, ولكنها كما تعودنا لمحات وعناوين عزيزي القارئ نسلط لك الضوء عليها, ويمكنك التعمق في أي منها لترى ما تحت أغطية العناوين من تفاصيل تثير الحزن والخوف والهموم.

 

بعض زهور وسط الأشواك

ولكن وللحق فإن للشبكات الاجتماعية بعض فوائد اخرتها كي لا تختم قراءة مقالي وأنت تستشعر السلبية والنقمة على ذلك الكاتب الذي يرى الدنيا بنظارة سوداء. فدعنا نمر بهذه الإيجابيات مرورا سريعا, فإن هذه الشبكات منحتنا طرقا للتواصل مع أقارب وأصدقاء وذوي شأن في مدن أو بلاد أخرى مما أتاح لنا التعلم في مجالات أعمالنا أو الالتحاق بوظائف جديدة تتناسب مع أحوالنا, كما أتاحت لنا حضور الدورات والندوات والمؤتمرات العلمية والثقافية دون عناء جسدي أو مادي أو نفسي, وكذلك منحتنا فرصا لمناقشات مفيدة مع ذوي احترام وكفاءة علمية وفنية وأخلاقية في موضوعات مختلفة, وصقلت مواهبنا في التحدث أمام جمهور بنظام وتدفق, كما قدمت لنا صناديق بريد سريعة نتبادل فيها المستندات بالشرح والمناقشة رغم تباعد الأماكن وأصبحنا نستطيع أن نتراسل الكتب والمراجع ونشرح لبعضنا ما يصعب, كا استطاعت الزوجة والأم مثلا تصوير الأزياء للتأكد وهي في الأسواق من قبول الزوج أو الأبناء لها, كل مما أتاح لنا سرعة في الحصول على راحة منشودة أو علاجات نافعة أو فضفضة مسكنة لأوجاع مغترب مع ذويه وأصدقاءه وهكذا.

 

وماذا بعد؟

وإذا رجعنا لمفهوم الصحة النفسية التي اقتبسته في بداية المقال من موقع منظمة الصحة العالمية, فهل ترى أن الشبكات الاجتماعية في ظل ما سردنا تمكّن الشخص من مواجهة ضغوط الحياة، واستغلال إمكاناته، والتعلّم والعمل بشكل جيد، والمساهمة في مجتمعه المحلي واتخاذ القرارات وإقامة العلاقات؟! إن الإجابة موكولة إليك عزيزي القارئ في ظل موائمة وموازنة بين حجم المضار وحجم المنافع, وعليه فإن القرار بعد ذلك لك لتبقى أو تغادر أو تعدل من طريقة استخدامك لهذه الشبكات.

 

خاتمة ورسالة

إن للشبكات الاجتماعية كما رأينا حدان أحدهما مفسد فتاك والآخر نافع عظيم الفائدة, ولكن استخدامها يحتاج أولا للتأهيل الفكري المستمر والمتطور الأسلوب لكي نقي أنفسنا من شرورها, وللأسف هذا صعب ولكنه غير مستحيل, وهو يحتاج إلى رقابة أبوية دقيقة افتقدتها الأسر وهي تلهث وراء لقمة العيش طوال النهار والليل, ولذا فهنا دور المعلمين بديلا, وأقول “المعلمين” وليس المدرسون الذين يلقون بعض المعلومات من أفواههم يستبدلوها بما في جيوب الآباء والأمهات من عرق وكد. إن المعلم هو من قال فيه أمير شعراء مصر “قُـمْ للمعلّمِ وَفِّهِ التبجيلا… كادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا، أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي… يبني وينشئ أنفـساً وعقولا”, إنه حمل رسالة العلم وتشبه بالأنبياء والمرسلين في أمانة التوصيل لفظا ومعنى وتطبيقا وتوعية وإخلاصا ومتابعة.

 

كما أن على الواعين جميعهم أدوار نشر مساوئ تلك الشبكات وعوائدها على الفرد والمجتمع من بعده, وكذا نشر سبل الانتفاع بها والتأكيد عليها دوما فإن من أدام الطرق فتح له, فاطرق وادخل وابني أثرا يفيد غيرك ويخلد ذكراه في عالم المصلحين, وفقنا الله وإياك عزيزي القارئ للانتفاع بهذه الوسائل ووقانا وكل من يهمنا أمره مضارها ومصائدها المهلكة. وإلى لقاء في موضوع آخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا